--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
طبعًا لا يغيب عن ذهن عاقل أن المرأة في ظل الإسلام قد نالت من المكانة الرفيعة والمنزلة الكريمة ما تحسدها عليه نساء العالمين وذلك فيما يتعلق بكافة نواحي الحياة في منظومة متكاملة شاملة قد تكفل بإتقانها رب البشر وخالق النفوس (( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14))) تبارك.
وهذه الحقيقة ليست رجمًا بالغيب ولا ضربًا من الخيال بل هي من واقع دراسات و بشهادات غير المسلمين قبل المسلمين أنفسهم .. ولست هنا بصدد تقرير هذه الحقيقة التي لا تحتاج إلى تقرير.
ورغم أنه من الأولى أن نناقش في البداية الأمور الأساسية أولا مع الزملاء الملحدين أو اللادينين كوجود الله تعالى وصفاته والإقرار بربوبيته وألوهيته والإقرار له بحق السيادة والتشريع وغيرها من الأصول والقواعد .. حيث لا معنى من الناحية المنطقية أن نتناقش في أحد التشريعات الإسلامية دون أن نناقش الأصول التي تنبني عليها تلك التشريعات، فأنت إن آمنت بهذه الأصول سهُل عليك الإيمان بما يترتب عليها .. فمثلا إن آمنت بأن الله تعالى حكيم .. سهُل عليك بعدها أن تؤمن بأوامره وتشريعاته حتى ولو لم يتقبلها عقلك في البداية لأنك توقن بوجود الحكمة الإلهية من ورائها ولو لم تكن تراها .
لذا فليس من المنطقي هنا أن نناقش قضية فقهية قد قتلت بحثًا ودراسة ونأخذ في عرض الأدلة وتحليلها وما إلى ذلك .. بينما صاحبنا لازال لا يؤمن بالله تعالى .. في حين أنه من السهل على القارئ الكريم أن يبحث عن المراجع والأبحاث التي تناولت هذه القضية باستفاضة في مواضعها..
إلا أن هذا لايمنع أن نسلط الضوء على تلك القضية من ناحية أخرى .. جديدة .. لا تخلو من المتعة الذهنية .. وتناسب في نفس الوقت المكان الذي نحن فيه.. خاصة وأنها محل طعن من غير المسلمين.
من أروع مظاهر تكريم الإسلام للمرأة أن أهداها نعمة الحجاب ..
الحجــاب ،، من الشعائر الإسلامية قوية الظهور والتأثير والتي تميزت بها المجتمعات الإسلامية على مر العصور .. والتي طالما جذبت قلوب النساء على اختلاف مللهن لهذا الدين العظيم لما يرين فيها ما يناسب فطرتهن وينسجم معها .. ويرفع مكانتهن لأرفع وأرقى مكانة يمكن أن تتبؤها امرأة تعتز بأنوثتها وتترفع بها عن كل دنيء.
وإن الإسلام الحنيف حينما شرع للمرأة أن تغطي وجهها ( كما ثبت ذلك في القرآن والسنة ) فإن هذا التشريع فيه من المعاني السامية ما يخلب الأفئدة وتهيم به النفوس العزيزة العالية .. فهو ليس مجرد لباس أو قماش تضعه المرأة على وجهها .. بل إن له معنى أعمق بكثير لمن كان له عقل فتأمل أو قلب فتدبر .. بل هو في الحقيقة استعلاء بالأخلاق النبيلة والقيم السامية لأعلى درجة ..
* وهو تتويج للحيــاء ورفعه لأعلى المراتب (لمن يشعر بمعنى الحياء) ..
* هو تأييد لمظاهر العفة والطهارة في زمن تُطل فيه الفتن الخبيثة ودعاوي الانحلال من كل جهة .. وترمي بشررها من كل جانب ولا يكاد يسلم منها إلا من سلمه الله تعالى ..
* بل هو علامة تميــز قوي في زمن العولمة وانصهار الحضارات في بوتقة التميع وانعدام الهوية ..
* هو علامة تـرفّع على ملذات الدنيا وألوانها وزخارفها المبهرجة التي تأخذ بالقلوب والأبصار والتي يتشاحن عليها الناس ويتقاتلون، وتراق في سبيلها مياه وجوههم، بل وأحيانا تراق في سبيلها دماؤهم .. نعم ترفّع !
مراكب أهـل الهوى أُتخمت ... نزولاً ومركبنا صاعدُ
إذا عــدد الناس أربابهم ... فنحن لنا ربنا الواحــد
* هو إعــلان تحدي تعلنه المرأة المسلمة أمـام كل الإغـراءات التي تواجهها..
* فكأني بمن ارتدته قد وقفت صامدة كجذع شجرة لا حراك فيه أمام سيل قوي متدفق يأخذ في طريقه الأخضر واليابس فلا يبقي ولا يذر .. ثبات كثبات الجبال الشامخات التي هي في الأصل ثبات للأرض وأوتــاد ..
نعم ثبــات !
فهل يا تُرى تؤثر فيها بعض تلك الكلمات التافهات مثل (شوال أسود) أو (خيمة سوداء) وغيرها ..
---***---
تعالوا نستعرض سريعًا مثل تلك الألفاظ ونسلط عليها شيئًا من الفكر والنظر .. رغم أن الأمر لا يستحق، لكن يبدو أننا وصلنا لزمن اختلط فيه على الناس حتى أصبحت تلك الكلمات تجد لها مكانًا في عقولهم وصدورهم ..
فكلمة مثل كلمة (خيمة سوداء) بما ترسمه في الذهن من صورة معينة .. يمكننا نحن أن نرسمها بصورة أخرى فنقول مثلاً الــ (ملاك الأسود) .. ما المانع؟! .. أليس في هذه الصورة الجديدة من مظاهر التطابق ما يؤيدها.. كالغموض والخفاء والطهر والروحانية .. إذن الأمر يعتمد على الإيحاء النفسي وليس له علاقة بالعقل أبدًا..
ومن ناحية أخرى فإن هذه الكلمة في الحقيقة هي فخر لهذه المؤمنة التي تعلم أنه لابد من سنة الإبتلاء، وأن الإبتلاء طريق الأنبياء وأنها لابد أنها ستجد هذا الصنف الذي قال الله تعالى فيهم : ((إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29)وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30)وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33)))المطففين.
وإمعانًا في التحليل لهذه الكلمة (الخيمة) ـ كما يحلو للبعض أن يطلقها وهي تحلو لنا أيضًا ـ .. نجد أنها تنقلب لصالحنا؛ فإن الله تعالى قد أمرنا بالقرار في البيوت فنحن إذا خرجنا منها؛ خرجنا من بيت إلى بيت (الخيمة).. إذن فنحن من بيت إلى بيت .. هذا القرار والله نعمة .. فالحمد لله .. نعم؛ نعمة لا يستشعرها بالطبع إلا من جربها .. فأنى للملحدين والعلمانيين أن يستشعروها ! ثم أنى لهم ! .
أما الذي يستخدم هذا التعبير وهو (شوال أسود) فهو أيضًا يعتمد في المقام الأول على الإيحاء النفسي والذي هو أبعد ما يكون عن التفكير العقلي المجرد .. فها هو يستخدم كلمة (شوال) بما توحي به من معنى الخشونة والضخامة وقسوة القوام .. بجانب كلمة (أسود) بما توحيه هذه الكلمة كما توحي للأطفال من الظلام والخوف .. فأنت حين تريد أن تخيف طفلاً تقول له مثلاً سآتيك بـ (العفريت الأسود) أو ( الفأر الأسود) .. كما يفعل الجهال من الآباء والأمهات لما تربيه هذه الكلمة في نفس الطفل من الخوف والجبن من أسباب واهية ووهمية..
الخلاصة كما ترى أن هذه التعبيرات لا تحمل أي مغزى أو مدلول عقلي ناضج بقدر ما تحمل من روح التهكم والسخرية..
والنتيجة التي نصل إليها أن هذه التعبيرات تصلح تماما للتداول في الأسواق وعلى رؤوس الشوارع والأرصفة .. أو تُلقى من شرفات المنازل على المارين بالشوارع .. ولا تصلح أبدًا للتداول هنا في منتدى التوحيد لحوار الملحدين حيث الحوار القائم على العقل والمنطق بعيدًا عن العاطفة .
فمن المفترض هنا أننا نسلط النقد العقلي النافذ على (الغير) دون أن نلجأ لمثل هذه الألفاظ التي تعتمد على التأثير النفسي على القارئ البسيط الذي يتأثر بظواهر الكلام وظواهر الأشياء ويتأثر بالأسود والأخضر والبنفسجي .. والشوال والظلام والعفريت ..
أليس كذلك؟
فأنا أربو بمحاورنا الكريم أن يكون مثل هذا الشخص !
--- *** ---
من الناحية العقلية المجردة فإن أي إنسان عاقل يعلم تمام العلم أن مجمع محاسن المرأة في وجهها وهذا أمر تعارف عليه الناس ولا يحتاج لمزيد دليل لتأكيده ..
فحين تسمع من يقول فلانة .. جميلة،، فأنت لا يتبادر إلى ذهنك إلا جمال الوجه، إلا إذا أضاف المتحدث موضع هذا الجمال ..
فمن خلال الوجه يمكن أن نتعرف على لون البشرة ونضارتها أو شحوبها ومدى قوة المرأة أو ضعفها .. وبالنظر إلى الحواجب تعرف لون الشعر وقوامه .. فهو بالفعل مجمع هذا كله..
وحين يقول لك طفلك أن فلان أو فلانة جميلة، فإن الطفل يقصد بالتأكيد جمال الوجه .. فهذا أول ما يسترعي انتباهه..
ومن ناحية عكسية هل يمكن أن تحكم على امرأة أنها جميلة دون أن ترى وجهها ؟ حتى ولو رأيت منها أي شيء آخر كشعرها فقط أو يدها فقط ؟! هل يمكن أن نطلق هذا الحكم عليها ؟ طبعًا لا.
لذا كان من الحكمة العظيمة أن يُشرع تغطية الوجه ..
كما أن تغطية الوجه دليل على خلق الحياء .. ألم تر أن المرأة إذا اعتراها الخجل فإنها تلقائيًا تقوم بوضع يدها على النصف السفلي من وجهها !
ثم هل فكرت يومًا أن تشترى من تلك الحلوى المكشوفة التى تباع على الأرصفة والتي تجذب الأطفال ويعافها الكبار ..
لا شك أنه كلما زاد تغليف الحلوى إتقانًا وإحكامًا ورونقًا كلما رغبت فيها النفس وتمنتها .. وكلما انكشفت الحلوى وصارت عرضة للذباب والأتربة و(الأعين) والهواء الملوث؛ كلما عافتها النفس وأنكرتها واكتفت بـ (الفرجة عليها) .!
ولا شك ان هذا النوع الغالي الثمن هو المغلف تمامًا الذي لا ترى منه شيئا .. حتى أن البائع يعطيك الحق أن تفتحه وتتذوقه قبل أن تشتريه..
وكذلك المرأة في الإسلام أذن الله تعالى للخاطب أن يذهب وينظر إلى مخطوبته في وجود المحرم .. فإذا كانت هي عرضة أساسا للرائح والغادي فلن يكون هناك معنى لهذا الإذن.
--- *** ---
إن الشريعة الإسلامية لا تأتي إلا بما يوافق الفطر السليمة والنفوس السوية ..
هل قرأت اليوم في الجرائد أو عناوين الأخبار هذه الجملة : (كشفت الصحف أوالتحريات "النقاب" عن كـذا ..)
هذه الجملة تتردد كثيرًا على مسامعنا من وسائل الإعلام المختلفة ..
فهل سألت نفسك عن مدلولها ولماذا النقاب بالذات ..؟!
دعنا نحللها كما حللنا غيرها من قبل..
فالنقاب يستر الشخصية أليس كذلك؟ أي (يغــطي حقــائق) .. والتحريات والصحف تكشــفها..
نعم؛ إن المرأة المسلمة المنتقبة التي تسير في الطريق هي حقيقة رائعة لا يُتاح لأي شخص هكذا أن يكتشفهــا!
ومَن الذي يستحق من المارة في الطريق -الذي يحوي السفيه والوضيع واللص والشريف- من منهم يستحق أن يتطلع إلى هذه الحقيقة .. ومن يجرؤ على أن يحدث نفسه أن يرنو لهــا؟
فهي ليست حقيقة مشاعة للجميع، بل هي حقيقة تستحق أن تقام حولها التحريات، بل وتقام لأجلها الحروب كما حدث في تاريخنا الإسلامي ..
هذه هي المرأة في الإسلام .. حقيقة أروع من كل الحقائق التي تستحق التضحيات وخصوصية مميزة جدًا واستعلاء على كافة الحقوق المهدرة، وكرامة نادرة في دنيا أزهقت فيها الكرامات..
--- *** ---
يا صديقي .. حين ترى هذا ( * الملاك الأسود * ) يسير في الطريق في إباء .. فاعلم أنك أمام ظاهرة نادرة .. أمام امرأة سلكت أقصر الطرق وأصوبها للمطالبة بحقوقها .. فهي تطالب بحقوقها معلنة ذلك في كل خطوة تخطوها وفي كل طريق تسلكه أمام الناس ..
حين تراها ـ أقصد حين هي تراك وأنت لا تراها ـ (خصوصية لذيذة) .. اعلم حينها أن الإسلام قادم ليتمــيز .. وليســود .. وليقــود تلك القطعان والحضارات الزائفة والقيم والمذاهب التي هي كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده ..
--- *** ---
وأختم بكلمة أوجهها إلى أختي المسلمة أينما كانت وهي نصيحة محب:
* أختي الحبيبة .. التميز التميز .. كوني من القادة لا من القطيع ! *